يقوم مجموعة من العلماء والباحثين فى علم الاجتماع بوضع العاصمة العجوز المسماة بالقاهرة تحت (الميكروسكوب الإليكترونى) وفحصها بدقة بالغة وتشخيص الأمراض التى تعاني منها، المزمنة منها والحديثة، ويضعون أيديهم على مواضع الداء بمهارة منقطعة النظير. كما يتطرقون إلى العديد من الموضوعات ذات الأهمية البالغة فى العديد من المجالات. ومن عجب أن هذا الكتاب الذى خرج إلى النور فى عام 2005 قد تنبأ بالثورة التى اجتاحت أرجاء المعمورة فى 25 يناير – بعد أن قام برصد الإرهاصات المؤدية إليها. وقد شرعت فى ترجمة الكتاب وأنا أقلل من رؤية هؤلاء الباحثين لتأثير مظاهرات كفاية، وحركة 6 إبريل، وتظاهرات العمال من ضحايا إعادة هيكلة الاقتصاد والمطالبين بحقوقهم والحركات الأخرى المناهضة للنظام كإرهاصات لثورة عنيفة قادمة، التى لم تكن تجد إلا آذاناً صماء من المسئولين، ويتحدث الكتاب وبالتفصيل وفى أكثر من جزء من أجزائه عن الغليان المكتوم الذى تصاعد يومًا بعد يوم، ولم تدرك القيادة السياسية، كما لم يدرك أحد من أولئك المسئولين الغارقين فى فسادهم وملذاتهم تلك الدلالات المُنذرة حتى انفجرت كل أحياء القاهرة الكبرى، ومختلف المدن فى المحافظات وبصفة خاصة فى الإسكندرية، والإسماعيلية، والسويس، والمنصورة فى مصر بالثورة، حيث خرج مايربو على خمسة عشر مليوناً من المتظاهرين طوال ثمانية عشر يوما متصلة فى مشهد ظل العالم بأسره يتابعه مشدوهًا هتى انتهت بالنهاية المحتومة. وكما تنبأ الكتاب ايضا، كان الشباب هم الأغلبية الكاسحة التى ستقوم بإشعال فتيل الثورة.