يثير هذا الكتاب درجة عالية من التوتر والقلق ولعل من أسباب هذا التوتر صعوبة الإحاطة الوافية بأعمال الشيخ الأكبر محى الدين بن عربى ونسقه الفكرى الرفيع من أوله إلى آخره، وأيضا العسر الشديد الذى يجده الراغب فى أن يحيط علما بأعمال الفيلسوف الفرنسى الأعظم جاك دريدا واستراتيجيته التفكيكية بأطوارها وتجلياتها المتنوعة على امتداد أعماله من أولها إلى آخرها. لذا، يحتاج هذا الكتاب إلى قدر كبير من التواضع والتخلى عن الاستعلاء الناتج عن الاعتداد بأفكارنا ومعتقداتنا التى درجنا عليها؛ فعسى ينشأ من ثم حوار مفتوح معه لا يتقيد بقيد ولا ينضبط بضابط سوى أنه حوار، وعسى أن يكون فيه الداعى إلى مطالعة بعض أعمال الشيخ الأكبر ابن عربى والفيلسوف دريدا مطالعة هادئة متأنية؛ فلعل بعضا من أفكارنا ومعتقداتنا التى ألفناها واعتدناها يتقلقل أو يهتز أو يترجرج على نحو يهيئ قدرا من إعادة النظر. يجذب موضوع الكتاب من يهتمون بدروس اللاهوت ودروس الفلسفة، كذا من يهتمون بدروس الأدب ونقده على حد سواء؛ فإن أراد هؤلاء الثلاثة الانتفاع بالكتاب نفعهم، كما يجذب الكتاب أيضا القارئ العام التواق إلى ضوء جديد معتبر أو إلى مغامرة فكرية تفتح آفاقا ممتدة واسعة.
35 ج.م + مصاريف الشحن