ما السبيل غلى صوغ رؤية تستوعب مجمل العالم الاجتماعى بينما انغلاق كل فرع معرفى على نفسه والتخصص المعرفى الزائد عن الحد يدفعان الباحثين إلى دراسةشرائح محدودة بشكل متزايد باطراد من هذا العالم؟ لئن كان هذا التشظى نتيجة لسيرورة التمايز الاجتماعى التى ينكبون على تاملها، فإنه أيضا هو الذى يحرمهم من قراءة هذه السيرورة قراءة شاملة. على أن سؤالا محوريا يوفر للعلوم الإنسانية والاجتماعية ركيزة مشتركة: لماذا يقوم الأفراد بما يقومون به؟ وهى تُحسن الإجابة عليه بقدر توصلها إلى الإمساك بممارسات الفاعلين فى ملتقى تجاربهم الماضية المختزنة وسياقات أفعالهم الحاضرة. ولئن كان اغلب الباحثين يتفقون على هذا. فإن قليلين هم الذين يتفقون مع ذلك على الأطر المناسبة التى يجب إدراج الفاعلين فيها لتحليل هذا البعد أو ذاك من ابعاد ممارستهم. والحال فى إخضاع مفاهيم "الحقل" و"العالم" و"النسق" أو "إطار التفاعل" للفحص النقدى، إنما يعنى عندئذ العمل على الربط النظرى بينهما. ويجتهد برنار لايير هنا فى أخذ مسافة من الحالة الراهنة للعلوم الإنسانية والاجتماعية ومن التمزقات التى تتخللها متيحا لنا إمكانية تأمل الوحدة المحتجبة لفضاء يبدو فى ظاهره بالغ التمزق.
95 ج.م + مصاريف الشحن