يضم هذا الكتاب ترجمة لعدد من أهم أعمال الاتجاهات الطليعية الروسية والمستقبلية الإيطالية ، وفيه تظهر السمات الرئيسية التى يجب أن يتحلى بها أبسط نص يدعى أنه بيان طليعى وتعبير عن حداثة حقيقية. هل يمكن للثقافة العربية أن تدعى أنها عرفت شيئا مماثلا فى تاريخها الحديث ، وأن لها ، حقا ، بيانا وحركة طليعية؟ اقرأ بيانات المستقبلية الإيطالية ، أولا ، وعندها أرنى أيها القارىء الكريم بيانا عربيا واحدا من بين عشرات بيانات الحداثة العربية ، له لهجة العنف الصائبة هذه التى لولاها لما كانت ثمة حداثة أوروبية ، أو ينطوى على ربع هذه المطالب العميقة فى معظم تشخيصاتها التى نقلت الثقافة العالمية من الاتباع إلى الإبداع ، أى من العاج الذهبى إلى منعطفات الضجيج المدينى ، من البلاط إلى الأسفلت ... ذلك لأن الحداثة الحقيقة تسعى فى كل نضالها ضد عبادة الفرد للماضى من أجل ألا تكون الحرية مجرد مفهوم ، وإنما أن تصبح هى الأمر الواقع المتنامى باطراد . وحتى لو اتفقنا على أن هناك طليعة ادبية عربية ، فإنها بالتأكيد تيارا اكتشافى وليس ابتكاريا أى طليعيا . إذ " للطليعة أصالة ألا وهى : البدء من نقطة الصفر ... ولادة بلا أسلاف " ، على حد قول روزاليند كراوس ...