يُعدّ كتاب لارى لودان "التقدم ومشكلاته، نحو نظرية فى التطور العلمى" من أهم مؤلفاته؛ فقد اهتم لودان بقضايا فلسفة العلم المعاصرة، وعلى رأسها قضية التقدم، وبصفة خاصة تقدم العلم، وتقدم المعرفة العلمية، فالكتاب الذى بين أيدينا يقدم صاحبه رؤية عن نمو العلم وتقدمه، تختلف إلى حدّ كبير عن الرؤى المعاصرة التى قدمها فلاسفة العلم المعاصرون أمثال: كارل بوبر، وتوماس كون، وكارناب وغيرهم؛ فيتخلى لودان عن اللغة التقليدية فى معالجة الموضوع، وعن بعض المفاهيم التى طرحتها هذه المعالجات؛ ليثبت أن التقدم لا يتم من خلال التأييد أو التكذيب، أو التعزيز، أو التبرير...إلخ؛ فيقدم منظورا آخر للمعرفة العلمية يحاول من خلاله تتبع نتائج الرأى القائل بأن العلم يهدف أساسا إلى حل مشكلة. وبرغم ان هذا الرأى يعد مألوفا ومنتشرا، فإن لودان يرى أنه لم يلق سوى درجة ضئيلة جدا من الانتباه؛ لذا فإنه فى كتابه هذا يتساءل: ما أنواع المشكلات؟ ما الذى يجعل مشكله ما أكثر أهمية من مشكلة أخرى؟ ما المعايير التى تجعلنا نعتبر حلا ما ملائما أكثر من غيره؟ ما العلاقة بين المشكلات العلمية والمشكلات غير العلمية؟ فمثل هذه الموضوعات لم يتم تناولها بالتفصيل الذى تستحقه كما يرى لودان. كما أنه أيضا فى كتابه هذا يوضح العلاقة بين العقلانية والتقدم، وكيف أن العديد من المناقشات عن العقلانية والتقدم لم تكن قابلة للتطبيق على المسار الفعلى لتطور العلم؛ لذا حين يقدم منظوره عن التقدم ومشكلاته، فإنه يستعين بالوقائع التاريخية على نطاق واسع لاختبار النموذج الذى يقدمه.
49 ج.م + مصاريف الشحن