يصطنع علماء الأخلاق المحدثون الوصايا والنصائح. فهم ينتمون دائمًا إلى مبادئ تقرر مايجب عمله، سواء أقصدوا إلى العبارة عن أوامر الضمير الداخلية فى أتم حالات نقائها أم إلى إكساب السلوك مرونة بتدريبه على الملابسات الجديدة. أما فلاسفة الإغريق فى القرن الثالث قبل الميلاد فكانوا يأخذون بمنهج آخر، تراهم يصفون مايسمونه بالحكيم: كائنًا مثاليًّا يضفون عليه كل صفات الكمال. وهم لا يكادون يذكرون أنه قد عاش فى الماضى شخص تاريخي أو خرافي مثل سقراط أو هرقل قد وصل إلى قمة الحكمة. ومن ثم تصور فى نفوسنا كلمة "الحكيم القديم" مثالا لكائن يكاد يكون فوق مستوى البشر؛ فهو لايحس أى ضعف أمام الأخطار، وهو أسمى من المشاعر الطبيعية، عاجز عن ان يحيد عن الطريق المستقيم.
17 ج.م + مصاريف الشحن